Sunday, August 26, 2007

رأي عبد الهادي سعدون في رواية الكائن الأفتراضي


عبد الهادي سعدون :
رواية الكائن الأفتراضي هي اول رواية عراقية تتناول الموضوع العراقي داخليا

الكائن الأفتراضي للقاص والروائي طاهر علوان هي حقا أول رواية عراقية تتناول الموضوع الإنساني العراقي داخلياً من خلال داخل النفس البشرية بمفهوم الأنزياح إلى العمق لقراءة وثائق الكائن المفترض منا في الداخل ومن الداخل (بكل معانيه) لأن الرواية العراقية حتى اليوم لم تكن سوى نظرة خارجية (منفوية) لموضوعة الداخل، أو قراءة مبتسرة من قبل أديب الداخل بمفاهيم متباعدة (مقاربة للبعد المنفوي).
إن هذه الجريدة السينمائية (الكائن الأفتراضي) تشكل وحدة متوازية ما بين السرد النثري والأرشفة والسيناريو من خلال نص منفتح يحتويها بكتلة متراوحة تلتمع في واحدة ما أن تكاد تخبو في أخرى،هكذا حتى النهاية، مما أعطاها ديناميكية عالية ولعب حكائي ممتع للغاية، واللأمتاع مجازي بحكم اللعبة الروائية، لأن الأجادة بطرح الموضوع المتشعب بكل تلك الأنسيابية قد عزز من متن الرواية ومنحها أكثر من بعد لقراءتها والنظر فيها.
إن الكائنات الأفتراضية كلها بلا أستثناء قد شكلت نفساً عراقياً واحداً في محنة الأدانة والمدان نفسه، وهذا شيء كبير في الرواية، لأنه لم نر أحداً منهم أيجابياً بالكامل ولا سلبياً، بل أن كل واحد منهم هو تكوين حقيقي للنفس العراقية المتعبة، المتهالكة، التواقة للخلاص، المواربة والخائنة. إن جمع هايد و جيكل في نفس واحدة له الحقيقة الصائبة لأننا ننجمع عندها بتوليفات ومغازي متعددة.
إن ماضي العراق الحديث يتشكل عبر موشورات وبؤر متشظية، منحها أصليتها، التقنية الذكية التي استخدمت من خلال جهاز المونتاج وعبر فكرة تشكيل وتركيب جريدة سينمائية، مما جعلك تستغلها أستغلالاً سليماً من خلال المنحى السينمائي من خارجه (كدربة حكائية) ومن خلال السيناريو السينمائي نفسه، في تداخلاته وايحائاته وحلوله البارعة في أغلب من موضع.
أفترض أن الكائن الأفتراضي، مجبر في أغلب مواقفه، لذا جاءت فكرة التصور والتحول في ختام الرواية حسب رغبة الآخرين ومنحى ملفاتهم، جاء هزلياً صارخاً رغم وقعه التراجيدي، وهذه لفتة مدهشة ومشهد يظل على البال.
إن راويتك مهمة، واعتقد أن الآخرين سيلتفتون لجماليتها وموضوعتها المتفردة (هذا أذا أسلمنا أننا في وضع نقدي وقرائي صائب؟)، ولكنني منك لن أهتم لكل شيء ولا أي تقديم أو ترجيح معين، فلتعلم أنك كتبت عملاً عراقياً خالصاً، فرادته في مجموعه.

عبد الهادي سعدون
مدريد