Sunday, August 26, 2007

المرأة في صعود القمر : بقلم الروائي احمد خلف


احمد خلف

المرأة في صعود القمر


ينتقي القاص طاهر عبد مسلم علوان مواضيع قصصه التي قدمها في مجموعة صعود القمر من بيئات اجتماعية مختلفة لكنها تركز وبشكل يثير الأنتباه على المرأة في المعالجة ، اي ان كثيرا من القصص هي لرصد المرأة بطلة القصة ، ونساء هذا القاص المثابر موزعات بين الحرمان المادي والنفسي وبين التوق والحاجة الى الحرية التي استلبت منهن عنوة بسبب نزعة خاصة او موقف متميز ، او هن نساء تصر الواحدة منهن على مقاومة قدرها الذي يتعقبها ويترصد خطواتها ، ان نموذج طاهر ليثير في دواخلنا تعاطفا لايخضع الى التزلف او التلفيق ولايميل لأثارة القارئ واستمالته على حساب النص والتقنية الفنية التي تؤدي فيها اللغة دور المؤثر ، بل يدعو لأقامة علاقة ندية تتسم بالحب بيننا وبين شخوصه الذين لايخفي الرواي / القاص ، الميل النفسي والشخصي نحوهم لأنه انتقاهم من ذلك الحشد الهائل من الناس .
لقد تربى هذا القاص الجاد على ركيزتين اساسيتين في كتابة القصة القصيرة دون الجحود لهما او التنصل منهما ، اولا دراسته لمضامين قصة الخمسينيات من جانب ، وتأملاته الواعية للتقنية القصصية في قصة الستينيات ، ولذا فأن استفادته المشروعة من هاتين الركيزتين توضحهما قدرته على التقاط نماذج انسانية ( المرأة غالبا ) يلتقطها من العالم القريب او المتاخم لعالمه ، مع معالجة فنية متميزة وتمتاز بعملية المزج شديد الحساسية والتبصر بين المتخيل وبين المادي والواقعي والتجريدي .. اننا نلمس تلك الأدرية بالنموذج الأنساني من خلال التصويت الى جانب ابطاله .
ان امرأة تجاوزت الثلاثين من العمر ولم تتزوج باختيارها وليس بطرا ، انما تدرك حقيقة مشاعرها تجاه الغائب / المنتظر / المجهول ، ولأحساس دفين في اعماقها انها في صراعها مع قدرها متمثلا في مجتمعها او اسرتها ، ستنتصر حتما ، وحقا ، نلمس ذلك الميل القصصي والنفسي لدى القاص بنصرة بطلاته الحزينات والوحيدات ، وهو يحنو عليهن ويتفهم مشكلاتهن بدون الدعوة التي تملأ قصص البعض من اقرانه اليوم . .. وهو الدارس المتعمق لفن السينما والعارف بخبايا اللغة القصصية وتكويناتها يكشف لنا عن ميزة متفردة نعني بها المزج بين الواقعي والمتخيل بضربات كاميرا مدربة وحساسة ..
ان القاص حريص فيما اشرنا اليه من معالجة موضوعه ودراسة نصه وتأمله لتقنيته حتى يصل معنا الى النقطة التي يضيء من خلالها عالما تكتنفه الأسرار والدسائس وشخوصه وسط هذا الكهف الأحدب ليصارعون المارد الذي لارحمة فيه ، وهم يعولون في صراعهم على ذلك البصيص الذي يرشدهم الى الطريق ليعبروه من ارض رخوة الى ارض اشد صلابة ، ومن الجائز انهم سيجدون القاص نفسه يقف في نهاية الطريق حاملا مصباح ديوجين لكي يضيء الخطوات القادمة لهم .
بغداد – مايس / ايار 1994