Sunday, August 26, 2007

هو الذي رأي HE IS WHO SAW



هــو الـذي رأى


الشقـوق .. الشقـوق .. عبـرها يتكـون العـالم .. سيـاج طويل يحيط العـالم .. احتواء غير محـدد .. ومبـرر ومشروع وحتمي ، لا سبيل لولوج ذلك المـدى المسفوح الذي تتوزع فيه الأشيـاء والكـائنات .. المـدى الـذي تتداخل فيه الأصداء . تـرى من أيـن يبدأ و إلى أين ينتهي ذلك التتـابع المبهـم ؟تساءل صامتا..تتناهبه كآبة مريرة ..غابت صور الأمس ..بقايا كلية العلوم وقسم الفيزياء ..أبحاثه وماضيه ..المعادلات التي تسعى للإحاطة بالموجود والسـائد، الرموز والأرقام تنـوب عن ذلك العالم المشوش القـريب ، أما تلك الدنيا المترعة الفذة ، ذلك التنـاغم الفـذ في قوانين هـذا الكوكب الذي يتحرك فيه من مدى إلى مـدى ومن بـدء إلى انتهاء ومن فكرة إلى حقيقة ومن فـرضيات إلى مفاهيم تستحق عناءً وكـدّا .. كم يطيب لك أن تكتوي بذلك الوهج والأسئلة تترى والمعادلات لاتنتهي .. اكتشاف .. اكتشاف .. قوة x ذراعها = مقاومة x ذراعها ، خطوط التعجيل إذا تحركت القوة (س) إلى النقطة (ص) ستواجه مقاومة . استخرج معادلة القوة الدافعة والقوه الطاردة المركزية والتعجيل المركزي ، القوة تغيـر أو تحاول أن تغــير حـركة الجسم المتحـرك السـاكن وتسكـن المتحـرك ..تشكلت على مربعات السياج قوانين الكم و نسـبية أنشتاين - محصلات القوى ، الحركة الخطية ، على كل مـربع من حـائط البيت الداخلي حيث تحتشد قوانين الفيزياء .. ومحاولة أيجاد الصلة بالعالم المحيط وقوانين الفصل والتواصل .
. الأم منشغلة في القـدور الفـوارة وتذوق الملح وتقـدير كمية صلصة الطماطم وخلط اللحم بالباميا ، وأشياء أخرى لا تخضع لقوانين الفيزياء .. وهـو ينثر معـادلاته مع الصباح البـاكر .. أوراقه ، كتبه الضخمة تشكل نصف الدائرة ، التشكيل المتوازي ، تشكيلات هنـدسية أخرى تـوضح كل شـئ .. وهنالك الحبـال التي تحمل أثقالا مختلفة والميـزان الحسـاس .
أثـاث مكتمل وحياة متصلة تـؤكدها الفـأرة المحبوسة في الزجاجة لأغراض الدراسة مع بـدء الجوع والخـور الذي ستعانيه وفقـدانها الـوزن النوعي وتأثير ذلك على الحجوم المجاورة وما يسببه مـن اختـلال .. يجري تثبيته أول بأول على مـربعات الجدار وبالنسبة له كـان هنالك حوار ما .. يجـري بينه وبين عيني الفـأرة التي بـدت ساكنه بعدما استنفدت محاولاتها في الفكاك من الأسر الطويل.. بـدأت ضجة الشـارع بعد اكتمال صنع أقراص الخبز ، تركت ألأم أمامه قرصا سـاخنا وخيارة مملحة وليمونه .. بدأت الضجة بناقلات ضخمة مرقت فجأة رافقها قـرع طبـول وصافرات شـرطة المرور وصوت المعلق ، أنحسر الموكب وعـاد الهـدوء مع بدء مـؤشرات لتبـدل الوزن النوعي على الميزان الحساس مسح نظارته ذات الإطار الفضي اللماع ، حك لحيته سمع صرخة ما ، أطل عبر الشق وعبر السياج ، كان هناك رجل طويل القامة مفتول العضل يصفع صبياً بلا رحمة ويصرخ عاليا وسرعان ما تأتيه عصا غليظة تفجر الـدم فـواراً من الـرأس .. أحتشد الآخرون يؤدّون واجبهم كما يجب .. ينتهي المشهد .. تعود الحركة ..
قسّـم هو عمره على خمس وعشرين بـلاطة على الأرض وجعل كلاّ منها جـزءاً من العملية الحسـابية لاستخراج نسبـة التعجيل والدفع الـذاتي ، حشـد من النسـاء ضاحكات للـرجل المفتول العضل ، غمزات وغنج ودلال ، يتوقف حشـد السيارات الطويل عند بوابة المدينة والناس تـدفع عربة ضخمة معطلة وصفير وأبواق ، عربة صغيرة تحمل كيس دقيق وأكيـاس أخرى من الـرز والسكـر والشـاي والـرجل يدفعها وتقطع الشارع والشرطي يطلق صافرته ،كان هنالك فوج من الأشخاص قصيري القامة يدفعون عربات محملة بمواد التموين ..سيرة شهرية لعصر جمع القوت حيث الحصار أطبق على البلاد كلها ..وصار الناس يأكلون لقماً محسوبة بحسب الميثاق الاممي والقرارات ذات الصلة ..وهاهي البوابة تشهد مرور الرجال قصيري القامة ..بوابة يسهر عليها رجال قرويون ذوي ملامح عابسة يحملون أسلحة أوتوماتيكية وهراوات وأجهزة لاسلكي ولديهم تفويضاً مطلقاً للذود عن البوابة التي لم يبق منها إلا الحجرة والحاجز الحديدي وبقايا الشعارات وعلامات ممنوع المرور ..و(قف للتفتيش) , هناك من يسارع لـزجر رجل قصير وأخراجه مـن الطـريق وينشب الشجـار وينتشـر الدقيـق ، دقيـق أبيض على إسفلت أسـود = تركيب الألوان القياسي النسبي ، مـوجات كهرومغناطيسية بأطـوال موجيّة متباينة 7800 انكستروم فما دون ، ألـوان طيفية أخـرى ( اللون هو صفة الضوء التي تعتمد على تـردد الموجه الكهرومغناطيسية ) دقيـق أبيض على مسـاحة الانتشـار الإسفلتية ، أبيض على أسود ، كم النسـبة الموجيّة بين اللـونين بحسب معادلة مكسو يل؟
، نزلت الهراوة بشدة وتساقطت قطرات الـدم : أحمر + أسود + أبيض ، الأرضية السوداء للوحة أكثر فتنة وتأثـيرا وخليـط من دقيق القمح والـدم ، كـوّن معادلة جديدة للّون والطيف ، تحديد نوع اللون ودرجته ، إشباعه وسطوعه ، مرت الأطياف الحزميّة البـراقة عبر جهاز المطياف وعلى أرضية سوداء .
قسـم الفيزياء الذي في عمـق الكلية ، الناس تخرج ، السيارات تنطلق ، الطلبة يـذرعون المسافات لبلوغ السياج ، قاسوها بالأمتـار وأحصوا عدد البلاطات ممزوجة بالضحكات والثرثرة ، لاح أمام الحشد ، ولاحت هي أمامه كما هي دومـا ، فاتنة ، بابتسـامة حالمة ، عالمان مختلفان ، انك تدمن ذلك البزوغ اليومي لها هذا الذي يترك في داخلك تفاعلات شتـى . أن تمعن في التوازي معها ، توازي الحركة وتوازي التفكير أنت تتفـوق وهي تجاري فعلك فإلى أية محصلة تتحرك الأشياء وأنتما تكرسان معادلة ما لعشق قاس يحتاج حلها إلى وسـائل عـدة كي تتحقق نتائجها بشكـل صحيح .. بحاجة إلى عوامل مساعدة واستحداث قوانين ، قد يكون قال لها ذلك ، التوازي إلى مالا نهاية لا يحقق التحاما حقيقيا يغير في الموازين ويسهم في تألق الثوابت ، ظل هو يحدد القوانين على الورق وهي تنظر له وهو يذهب بعيدا عبر الممرات وكتل الزرع ، هي تعبث بسلسلة المفاتيح الذهبية وذلك أمر مزعج ومشوش بالنسبة له يحاول أن يوضح ان سلسلة المفاتيح تشتت الفكرة ، فجأة صرخت هي وهو يـدافع عن الفكرة وهو يندفع مشيرا إلى هباء وفوضى تعم الكون حروب ..إرهاب،.
كان هنالك حشد عبر زجاج القاعات الدراسية يرمق ما يجري وهي تسخر وهو يوضح الفكرة بحماس وصوت عال وهي تسخر وتضحك وهو يرمي أوراقه في الهواء ، ، صفعة على وجهها تدوي عبر الـقاعات والممرات والأفق وتقفل الأبواب وهـو يلفـظ خلف سيـاج طويل .. طويل .. طويل ..اجل ..لقد عوقب لأنه صفعها ..وقال في المجلس التأديبي انه صفعها لأنها كانت تضحك بسخرية ولم تدرك تصوره عن حقيقة العالم..
كان ينظر عبر السياج… رجل البوابة الضخم يتلفت يمينا وشمالا ، ويهرع نحو غرفة الصفيح ، ويختفي ، تـدخل امرأة مذعورة ، تتلفت ،تتبّعها عبر السياج . كان هنالك احتقان وألم وبكاء ، وتشتت طويل ، ثقيل ، صفعات يسمعها فيدور ، يدور لا سبيل للخروج ، ، ، كبلوا يديه بالقيد ، ، ، تضطرب أمامه صور الناس وتتداخل ، الرجل منفرد بالمرأة الأنثى المترعة الفذة .. الرمز الأزلي للوجود المتخلق اليومي ، المتجدد ، يحاول اللحاق بها دون جدوى..
سارت العجلات مرارا على لوحة الدقيق والدم والإسفلت وتلطخت الأقدام بالألوان البيضاء والحمراء . وصاحب الصافرة قرب البوابة يحذر العابرين ويضحك منهم وصاحبه الحارس في علبة الصفيح يشتم ويبصق ويصفع ويمزق .
. دوّن حدود المسافة بين نقطة العبور وعلبة الصفيح ولك أن تخمن من أين خرجت الفتـاة وكيف وصلت إلى المكان .. أوقفوا آلة ذات عنق طويل وطلبوا إلى رجل ملثم أن ينظف الطريق ذلك المفترق الموحش .. حراس البوابة متوحدون يحاولون أن ينهوا الوقت وتنتهي مهمتهم ، أحدهم بقبعة بنية يقضم شطيرة ويحتسـي شاياً والآخرون ينادون وهو لا يجيب والهاتف يرن وهو لا يجيب وصاحبه في علبة الصفيح يسحق عظامها فتصرخ ويطبق على فمها ..
عندما اكتملت التركيبة الغذائية في القدور ووهنت قوى ألام واستسلمت لرقدتها اليومية في المطبخ سمع سعالاً يأتي عبر بوق يضخم الصوت ، أنه السعال اليومي للمؤذن .. الضربات الثلاث على لاقطة الصوت .. نفخة .. نفختان .. ثلاث ، وشعر أن خدرا يتسرب إلى جسده مع الظهيرة ومع الإجهاد المألوف ، ينحني على البلاط طويلا وتخضل عيناه وتختلط أمامه الأرقام والمعادلات ورائحة القدور وفحيح الرجل الرياضي .. والصبي المدمى والعربة التي تم نثر حملها ..هولا يقوى على النهوض ، لا يقوى ، تتقدم سحابة ما ، سحابة الصبية الخارجين من المدرسة ، يقرع الجرس ويحف رنينه بهم ، يمد أحدهم – بفضوله المعتاد – عنقه عبر نافذة الغرفة المحاطة بشريط أحمر عبر علبة الصفيح وينادي على آخر وآ خر ، ويختبئون ويشهدون اليد القابضة على فم الفتاة .. يشاهدون الفحيح والتلاشي .. الرجل وهو يجرجرها من شعرها وهي وتحتمي منه وهي تبكي منه وهي تحتمي وينقطع المشهد والرجل قد أنهى شطيرته وشايه وأندفع يطارد الصبيان
.. عبر الشقوق أجريت تحريات عن مصرع الصبي عند البوابة وتم أيجاد صلة ما بين الدقيق المنثور على الإسفلت وحادث الصبي .. وتمت أقوال الشهود بإفادتهم الصريحة وتثبيت القرائن والأدلة وذلك بتاريخ … سمع تقرير الحادث عبر جهاز الإرسال اللاسلكي للبوابة وعبر شقوق الجدار ولأنه شهد كل شئ شعر أنه ينبغي الربط بين الظواهر .. فيؤجل قليلا رحلة الكم التي ينشغل بها إلى ( الكيف ) الذي تجري وفقه الوقائع .. أنتقل إلى المــوقع الذي جرى فيه ماجـرى .. ليجده قد أكتمل ، بهيكله الخشبي اللماع وصندوق الصفيح ذو الشريط الأحمر ، ولكنه هذه المرة بأرائك نفيسة ومصبات ماء ونافورة وأصص زهر ، الرياضي المنتشي ينفث دخان سيجارة بتلذذ وهو شبه عار وصاحب الشطيرة ينشغل بالفاكهة والصحن الكبير أمــامه يمتلئ بأنواعها . حاول أن يخرج .. أن يفك الوثاق .. استيقضت العجوز من قيلوتها على ضجيجه نظرت أليه بعينين واهنتين ثم واصلت نومها ، حاول انتزاع نفسه من السلسلة الحـديدية ضرب بقوة دون جدوى ، تتابعت أمامه المعادلات والزوايا والخطوط المتوازية والمتقاطعة وتـدافعت أدوات العمل المعدنية وتلاطمت وأصـدرت ضربات متتابعة دار هو دورة فأمحت الإشـارات على البلاطات الخمس والعشرين وأنقذ فت الزجاجة التي تحبـس الفـأرة بعيدا لينطلق الحيوان سـريعا إلى جحـره.. أنقذف هو فجـأة بدافع التعجيل وقوانين القـوة والأجسام المقـذوفة شاقوليا ، جمـيع المتجهات الـواقعة بمستوى واحد بطـريقة مقـدار الشغل لحث جسـم بإزاحة مقـدارها ..
أنقذف نحو الباب الضخم ، عنـدها لاحت أمامه المنـارة شاخصة بأبواقها الأربعة والهلال الفضي والنشـرة الضوئية المتلألئة ، تشكلت أمـامه منظومة القوى التي تساعد على الفكاك واسترجع حـروفها ورمـوزها ورددها بيقيـن مع نفسـه .. عندها انخلعت قـاعدة السلسلة وأنقـذف هو إلى الرصيف المحـاذي للجـدار .. شعـر بـدوار وهـو يستنشق هـواء مختلطـا بالغبار والغازات ، كان يطلق سراحه بنفسه بعدما غاب طويلا منذ صفع الفتاة وأحيل الى الحبس التأديبي ..وثبت انه مختل عقلياً ولذا أعادوه بأعوامه ال25 الى منزله مقيداً بالسلاسل فيما كانت محاضرات الفيزياء تتردد أصداؤها في رأسه وهاهو يتلقى ذلك الضجيج المرعب الذي يخلفه احتشاد السيارات والناقـلات في خضوعها اليومي إلى إجراءات الفحص والتـدقيق ، نهض مـرتبكاً ذاوياً ، قطـع مسـافة الرصيف .. شعر بوخـز في قـدميه الحافيتين ، وتـقدم وهو يجـر السلسلة الطويلة ولسـانه كقطعة خشبية جـامدة حاول أن يصـرخ .. أن يجـرب تحريك قطعة اللحم الحمـراء التي كانت يوما ما لســانه ، فكر بصعوبة أنه سيكتب ما رآه إذا ما عصا عليه الكلام ، قطع رصيف الحصى وأصبح في مواجهة البــوابة.. وما أن قطعها حتى كان في مواجهة الرجل مفتول العضل والآخـر صاحب الشطيرة ، حـاول أن يوضح لهما الأمر إلا أن ذلك الضخم كان قد مد يـده وأمسـك السلسلة وجـرها وهو يضحك بمكر .. ثم بقهقه عاليـا .. شعر هو أن ذلك الوحـش سيلحق به أذى ما .. ولهذا أستجمع قـواه وأندفع بشكل مباغت منفلتا من قبضته.. وراح يـركض بأقصى سرعة وهو يجـر خلفة السلسلة حتى قطع منتصف الشارع وأوشك أن يبلغ الحـافة الثانية ليخـرج نهائيا عندها كان حشد المشيعين قد دخـل .. رجـال يحملون النعش وصورة الصبي .. يسبقهم ضـاربي الدفوف وأصحاب المسابح والقلائد الطويلة الذين يحيطون خصورهم بأحزمة قماش خضراء .. تصـاعد ضرب الدفوف وهو وسـط الجوقة يحاول أن يكتشف الأسرار .. إنـي .. أنـا .. الـذي .. رأى كـل شئ .. شهدت رأسه وهو ينشـق ويتدفق دمه على الإسفـلت ، صـرخت فيهـم .. ولكن الدفوف ظلت تهدر والعويل يتصاعد ، والاثنان يخترقان الحشـد وهما يحملان هراوتيهما وهما يبحثان ، وشهـد أمه تتبعهما وحاول أن يحتمي بالنعش وتمنى لو دخــله و أذهب مع صـاحبه كي يمضيان معـاً في ســلام ..
لكن أيد صارت تجـره وأقداما تـركله والحشود تتقــدم والاثنان يخترقان الناس بعيون ذئبية ويلوحان بالهراوات والناس تتحاشاهما ويتعالى قـرع الدفوف وتتكون بعد ذلك دائرة بشرية ضخمة يتوسطها نعـش الصبي تحف به حشـود ضاربي الدفوف والنادبين والمرددين أما الاثنان فكانا يمارسـان لعبة ( الثعلب ) يدوران حول الحلقة وهو في الوسط يحمل سلسلته والاثنان يصرخان .. امسكوه .. م .. ع.. ت.. و.. ه ، خرج توا من مشـفاه.. امسكوه .. يربطونه كوحش كاسر .. الناس تركض وهو في وسط الدائرة يرتطم بالوجوه وتتتابع أمامه الأفواه والأنوف والأعين والفحيح والبكـاء .. امسكوه .. هو الــذي أحـرق البـيت ..
أعلـن وقـائع ضرب الصبي وقتـله من قبلـهم .. أؤكـد ذلك بالحساب والمسافات المحسوبة والخـريطة المثبتة .. يصرخ .. يعلــن الحقيقية ..
يبلـغ الحشـد حـدود العلبة المعدنية المسـورة بالشريط الأحمـر يقتحم العـلبة ، يشهد بقايـا المرأة ، يفـور المـاء في إبـريق الشاي ، يلتقط شعـلة ، يوزعها في الأركان ، يختـرق الضجيج بالتدريج ، تتصـاعد النـار في البوابة ويتهاوى الحاجز.. النـاس تبكي الصبي وتـركض وتختص والسلسلة طـويلة .. طـويلة والعـرق يتدفق .. والحروق في اليدين والرجلين والاثنان ..صاحب الشطيرة والرياضي يتلاشيان في المبنى .. تحترق البوابة وحجرتها ويتدفق الناس والعربات والناقلات والرجال قصار القامة والكائنات المتراعشة الحبيسة , كلها في ما راثون هائل ..وهو يحييهم ويصفق وهم يمرون في روعة هائلة يعبـر السياج ، يضرب الأنبـوب مـرارا .. يتفجر المـاء .... يغتسل كطائر بري محلق بلا حدود .. يخفت الضجيج هنـاك تستيقـظ ألأم مـن رقـدتها وتقـدم لـه صحن طعـامه .

1996
القصة من مجموعة قربان المدن السعيدة